شارك المقال

ترجمة الشيخ سيدي محمد بن الحبيب الفيلالي

الشيخ سيدي محمد بن الحبيب الفيلالي

 

 

 

 

 

هو الشريف الصوفي المربي الدال على الله شيخ الطريقة الدرقاوية سيدي محمد بن الحبيب بن محمد بن الصديق الأمغاري الإدريسي الحسني . أصل سلفه من مراكش ؛ وينتسب لمولاي عبد الله أمغار دفين تمصلوحت بناحية مراكش الذي خلف فرعا هو سيدي علي وحسين وقد هاجر هذا الفرع إلى تافيلالت؛ وإستوطن بها .ثم أقبر بها بأولاد يوسف . كما هاجر والد المترجم إلى مدينة فاس . وقطن وتناسلت ذريته بها . ولادته ودراسته الأولى :

ولد المترجم بفاس مهد العلوم ومنبع المعارف عام 1925هـ وبعد وصوله إلى طور الإدراك ولج باب الكتاب القرآني بقنطرة ابي الرؤوس من حومة الشرابليين حيث تعلم مبادئ الكتابة ولقراءة . وقرأ القرآن الكريم على الفقيه الولي الصالح سيدي الهاشمي الصنهاجيكما قرأه أيضا على الفقيه سيدي أحمد الفيلالي بمكتب قصبة النوار وعليه إستظهره .

دراسته الثانية وتدريسه :

بعد قضى أربه من المكتب القرآني ودعه وصار يرشف من سلاف الثقافة المتينة والعلم النافع من ينابيعه الصافية . وذلك حوالي عام 1312هـ . وقد تلقى بجامع أبي الجنود بفاس عن الفقيه العلامة المخلص في قراءته سيدي محمد الأيراري الأجرومية وألألفية والسلم لبناني . وطرفا من الشمائل المحمدية للترمذي . ثم بجامع القرويين الشهير الذائع الصيت عن الفقيه العلامة شيخ الجماعة سيدي أحمد بن الجيلالي ألأمغاري المختصر للشيخ خليل بالزرقاني وبناني والخرشي وعن الفقيه العلامة سيدي أبي بكر بن العربي بناني التحفة بشرح الشيخ التاودي ابن سودة والجامع في آداب العالم والمتعلم للشيخ خليل .

وعن الفقيه العلامة سيدي عبد السلام الهواري الزقاقية بحاشية الشيخ نفسه عليها . وعن الفقيه العلامة سيدي خليل الخالدي الألفية بالمكودي والموضح وعن الشريف الفقيه العلامة سيدي محمد بن جعفر الكتاني طرفا من جمع الحوامع ومن المسند للإمام أحمد بن حنبل وعلى الفقيه المتبحر في العلوم والمسيطر على الفنون سيدي الحاج محمد فتحا كنون طرفا من المختصر الخليلي ومن التلخيص بمختصر السعد ومن توحيد المرشد بشرح الطيب ابن كيران وعن الشريف الفقيه العلامة الحافظ شيخ الإسلام مولاي عبد الله بن إدريس البدراوي صحيح الإمام البخاري وطرفا من من مختصر الشيخ خليل وإستعارة الشيخ الطيب ابن كيران وطرفا من الهمزية للبةصيري بشرح ابن حجر وعن الفقيه العلامة الصوفي سيدي حماد الصنهاجي طرفا من المختصر الخليلي والشفا للقاضي ابي الفضل عياض السبتي وطرفا من المرشد المعين بميارة وعن الفقيه العلامة سيدي محمد بن عبد الرحمان الفيلالي المرشد المعين

ثم إنتهى من الدراسة عام 1319 هـ حيث ملأ وطابه ؛ وحشا جؤنته معارف وثقافة وصار يقوم بدروس علمية تطوعية بجامع قصبة النوار بفاس في المرشد المعين والمختصر الخليلي والموطأ للإمام مالك والسنوسية والتفسير

وبقي قائما بأعباء عمله الثقافي والتوجيهي إلى أن هاجر إلى مدينة مكناس وثوى بها مستوطنا . وذلك عام 1355 هـ  وتابع هناك نشاطه العلمي الممتاز بإلقاء دروسه بجامع الزيتونة في التفسير والفقه برسالة القيرواني والتصوف بالحكم العطائية والمرشد المعين والشفا للقاضي عياض ولسلم لبناني والألفية بالمكودي .

إجازته :

أجازه الشيخ سيدي بدر الدين الدمشقي إجازة سند كتابة وذلك بدمشق وقاضي تلمسان سيدي أبوشعيب وأجازه مشافهة الفقيه العلامة سيدي أحمد بن الجيلالي الأمغاري والفقيه العلامة سيدي أبوبكر بن العربي بناني

رحلته :

رحل عام 1350هـ إلى الديار المقدسة حيث أدى فريصة الحج وعرج على أرض الكنانة مصر وإجتمع ببعض علمائها ومنهم الشيخ بخيت المطيعي والشيخ السمالوطي وإرتحل للشام وأتصل ببعض علمائها منهم الشيخ توفيق الأيوبي والشيخ بدر الدين الدمشقي وإلى الجزائر أيضا بعد ذلك زإجتمع ببعض علمائها ومنهم بالبليدة الشيخ محمد بن جلول وسيد أحمد والي فكيك بناحية وجدة واتصل بعلمائها ومنهم شيخ الإسلام سيدي محمد القاضي . وقام هناك بدروس في صحيح الإمام البخاري والمرشد المعين بشرح الطيب ابن كيران ثم ارتحل ثانيا إلى الديار الحجازية وحج بيت الله الحرام وذلك عام 1360 هـ تقريبا . إلا أن المنية باغتته في الطريق قبل الوصول غلى هدفه المنشود . فإنطبق عليه قول الله تعالى في محككم التبيان "ومن يخرج من بيته مهاجرا غلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع اجره على الله وكان الله غفورا رحيما " وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف " من خرج في هذا الوجه لحج أو عمرة فمات فيه لم يعرض ولم يحاسب وقيل له : أدخل الجنة "

أثره الفكري :

خط قلمه الكتب التالية ديوان شعري سماه بغية المريدين السائرين وتحفة السالكين العارفين تم طبعه مرتين . وشرح على الحافظة للشيخ الشريف سيدي محمد العربي العلوي المدغري . التي جمع فيها دعوات نبوية وآيات قرآنية وطرفا من الأحزاب الشاذلية . وشرح على الصلاة المشيشية

منزلته العلمية

فقيه علامة ذو إدراك قوي مشارك في كثير من العلوم . إلا إنه يتقن فني التفسير والتصوف .

شعره :

أدلى بدلوه بين الدلاء في بئر القريض حيث سالت قريحته بقصائد عديدة في مجال التصوف والأخلاق والمدائح الإلهية والنبوية والمواعظ الدينية . وهذا نموذج من شعره

هائية الغيبة عما سوى الله

رُوحِي تُحَدِّثُنِي بِأَنَّ حَقِيقَتِي   ***      نُورَ الإِلَهِ فَلاَ تَرَى إِلاَّهُ

لَوْ لَمْ أَكُنْ نُوراً لَكُنْتُ سِوَاءَهُ    ***     إِنَّ الْسِّوَا عَدَمٌ فَلاَ تَرْضَاهُ

وَإِذَا نَظَرْتَ بِعَيْنِ سِرِّكَ لَمْ تَجِدْ    ***     غَيْرَ الإِلَهِ فِي أَرْضِهِ وَ سَمَاهُ

لَكِنْ تَوَهُّمُ غَيْرِهِ يَخْفَى بِهِ    ***       فَانْبُدْ هَوَاكَ إِذَا أَرَدْتَ تَرَاهُ

وَارْكَبْ سَفِينَةَ سُنَّةٍ تَنْجُو بِهَا   ***      وَاسْلُكْ سَبِيلَ رَئِيسِهَا فِي هَوَاهُ

وَصِلِ الشَّرَابَ بِكَأْسِهَا وَافْنَى بِهِ    ***      تَحُزِ الْبَقَاءَ بِسِرِّهِ وَ عُلاَهُ

وَاشْهَدْ بِعَيْنِ بَصِيرَةٍ تَوْحِيدَهُ     ***      وَالْفَرْقُ شِرْعَتُهُ فَلاَ تَنْسَاهُ

وَاجْعَلْ هُمُومَكَ وَاحِداً تُكْفَى بِهِ    ***      كُلَّ الْهُمُومِ وَ تَدْخُلَنْ فِي حِمَاهُ

وَانْزِلْ أُمُورَكَ بِالَّذِي أَدْرَى بِهَا     ***      فَهُو الْخَبِيرُ بِقَلْبِنَا وَ مُنَاهُ

يَارَبِّ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ     ***    سِرِّ الْوُجُودِ وَأَصْلِهِ وَ سَنَاهُ

هائية التجلي

أَشَمْسٌ بَدَا مِنْ عَالَمِ الغَيْبِ ضَوْؤُهَا   ***     أَمِ انْكَشَفَتْ عَنْ ذَاتِ لَيْلَى سُتُورُهَا

نَعَمْ تِلْكَ لَيْلَى قَدْ أَبَاحتْ بِحُبِّهَا    ***     لِخِلٍّ لَهَا لَمَّا تَزَايَدَ شَوْقُهَا

فَأَضْحَى أَسِيراً فِي مُرَادِ غَرَامِهَا    ***     وَنَادَتْ لَهُ الأَشْوَاقُ هَذِي كُؤُوسُهَا

فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى سَقَتْهُ بِكَأْسِهَا    ***      فَلاَ لَوْمَ فَاشْرَبْ فَالشَّرَابُ حَدِيثُهَا

وَ مَا هِي إِلاَّ حَضْرَةُ الحَقِّ وَ حْدَهَا    ***      تَجَلَّتْ بِأَشْكَالٍ تَلَوَّنِ نُورُهَا

فَأَبْدَتْ بَدِيعَ الصُّنْعِ فِي طَيِّ كَوْنِهَا    ***      فَلاَحِظْ صِفَاتِ الحِبِّ فِيكَ ظُهُورُهَا

فَوَاللهِ مَا حَازَ السَّعَادَة كُلَّهَا    ***      سِوَى مَنْ بَدَا عَبْداً ذَلِيلاً يَؤُمُّهَا

فَغَطَّتْ قَبِيحَ الوَصْفِ مِنْهُ بِوَصْفِهَا    ***      وَ لاَحَتْ لَهُ الأَنْوَارُ يَبْدُو   شُعَاعُهَا

فَغَابَ عَنِ الحِسِّ الّذِي كَانَ قَاطِعاً     ***      وَ عَانَقَ مَعْنًى لاَ يَحِلُّ فِرَاقُهَا

فَحَرِّرْ أَخِي قَصْداً وَ أَعْرِضْ عَنِ السِّوَى   ***       يَهُبُّ عَلَى الأَحْبَابِ مِنْكَ نَسِيمُهَا

وَتفْتَحُ سَمْعاً لِلْفُؤَادِ مِنْ سَالِكٍ    ***      لِأَنَّ لَطِيفَ العِلْمِ مِنْهَا دَلِيلُهَا

فَمُنَّ عَلَيْنَا دائِماً بِوِصَالِهَا     ***      وَ غَيِّبْنَا عَنْ حِسِّ المَوْجُودَاتِ كُلِّهَا

وهذه نتف من قصيدة له نظمها في مدح الملك المحبوب سيدي محمد الخامس بمناسبة رجوعه الميمون إلى عرشه العتيد من منفاه السحيق مظفرا منصورالألوية مكرما بوثيقة الإستقلال والحرية

سلام من المولى يعم أميرنا   وانجاله طرا ومن في المعية

ومن كان للمولى يدوم إتصاله    ومن كان للأغراض باء بقطعة

لقد كان في الإبعاد قرب من ربه     تفرغ للمولى بصدق وهمة

وفاته ومدفنه :

إنتقل إلى حوار ربه تعالى في وجهته إلى الديار المقدسة لحج بيت الله المحرم وذلكa بمدينة البليدة من القطر الجوائري الشقيق يوم الإثنين 23 قعدة الحرام عام 1391 هـ . ودفن يومه بالزاوية الدرقاوية التي ثم بناؤها حديثا ودشنها بنفسه . وذلك بشارع بلقاسم الوزري بالبليدة . ثم نقل من مدفنه المذكور إلى وطنه الثاني مدينة مكناس حيث أقبر بعد العصر من يوم الإثنين 14 حجة الحرام من نفس العام في زاويته بالمحل الذي اوصى بالدفن فيه بدلرب الباشا قرب جامع الزيتونة . غفر الله ذنوبه وستر عيوبه وقابله بكريم فضله وجميل ستره وأسكنه في أعلى عليين في محاورة ألأنبياء والصدجيقين والشهدء والصالحين آمين .

 

من "كتاب إسعاف الإخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين"

لسيدي محمد بن الفاطمي ابن الحاج السلمي

تقديم عبد الله كنون

مراجعة جعفر بن الحاج السلمي

"

 

أترك تعليقا



التعليقات (2)

  1. ادم
    30-07-2024
    - 10:34

    أرسل التعليقات (1) ادم 30-07-2024 - 10:25 Reply السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،رحم الله شيوخنا وسادتنا أهل الله ونفعنا الله وإياكم ببركاتهم أمين ،نقطة لم يشر إليها صاحب المقال ربما سهوا لا جهلا ونعوذ بالله من السهو والجهل وجعل الله قلوبنا وقلوبكم صافية لمحبته ولمحبة اوليائه الصالحين. فقد أشار إليها الشيخ سيدي محمد بن الحبيب بنفسه في كتابه وذكرها غير ما مرة ،حتى أنها مذكورة في الرسالة الشهيرة للشيخ سيدي محمد بن لحبيب للسلطان مولانا محمد الخامس رحم الله وهي أن الشيخ سيدي العربي بن عبد الله الهواري هو من أعطاه الإذن للطريقة وهي معلومة مشهورة عند كافة أهل الطريقة ولا ينكرها إلا جاهل أو جاحد ،نتأسف صراحة عن هذا الإقصاء والتهميش التاريخي من البعض لهكذا حقائق تاريخية موتقة ومؤرخة في كل الكتب التي تعنى بالتصوف ،إن كانت عن قصد فنسأل الله السلامة لنا ولهم وإن كانت عن غير قصد فيجب على الإنسان الإجتهاد والبحث وليست هاته هي المرة الأولى التي تتم فيها هاته الأفعال ،فالمحبة في الله ولله لأولياء الله الصالحين وهاته الطريقة باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولي عن ولي. تقبلوا مروري وهذا الرد للتوضيح وشكرا وجعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلى الله وسلم على سيدنا و مولانا محمد والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

  2. ادم
    30-07-2024
    - 10:25

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،رحم الله شيوخنا وسادتنا أهل الله ونفعنا الله وإياكم ببركاتهم أمين ،نقطة لم يشر إليها صاحب المقال ربما سهوا لا جهلا ونعوذ بالله من السهو والجهل وجعل الله قلوبنا وقلوبكم صافية لمحبته ولمحبة اوليائه الصالحين. فقد أشار إليها الشيخ سيدي محمد بن الحبيب بنفسه في كتابه وذكرها غير ما مرة ،حتى أنها مذكورة في الرسالة الشهيرة للشيخ سيدي محمد بن لحبيب للسلطان مولانا محمد الخامس رحم الله وهي أن الشيخ سيدي العربي بن عبد الله الهواري هو من أعطاه الإذن للطريقة وهي معلومة مشهورة عند كافة أهل الطريقة ولا ينكرها إلا جاهل أو جاحد ،نتأسف صراحة عن هذا الإقصاء والتهميش التاريخي من البعض لهكذا حقائق تاريخية موتقة ومؤرخة في كل الكتب التي تعنى بالتصوف ،إن كانت عن قصد فنسأل الله السلامة لنا ولهم وإن كانت عن غير قصد فيجب على الإنسان الإجتهاد والبحث وليست هاته هي المرة الأولى التي تتم فيها هاته الأفعال ،فالمحبة في الله ولله لأولياء الله الصالحين وهاته الطريقة باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولي عن ولي. تقبلوا مروري وهذا الرد للتوضيح وشكرا وجعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلى الله وسلم على سيدنا و مولانا محمد والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته