شارك المقال

الشيخ محمد بن الحبيب وتصوفه في الثقافة الغربية..

الشيخ محمد بن الحبيب وتصوفه في الثقافة الغربية..

( الولايات المتحدة الأمريكية أنموذجا )

بقلم الفقير إلى الله :صفوان غيدوني وليه الله..

من الحقائق الروحية التي غيبت كثيرا هو كون الشيخ سيدي محمد بن الحبيب رضي الله عنه، هو أول من أدخل الطريقة الصوفية من باب واسع إلى أوساط النخب الأكاديمية والثقافية والفنية في الغرب..

أقصد هنا تحديدا دولا بعينها مثل: أمريكا وبريطانيا وإسبانيا.

لقد كان إسلام العديد من رموز الثقافة الغربية على يديه وتشبعهم بمشروعه ومشربه الروحي علامة فارقة كان لها ما بعدها وبشكل مفصلي وعميق جدا بشهادة الباحثين والمتخصصين في الشؤون الدينية في الغرب..

نكتفي هنا بدراسة تجربة واحدة، لكنها من ناحية ثقلها وحمولتها الأدبية والمعرفية تعني الكثير وتغني عن الكثير من التوضيحات. إنها تجربة الشاعر الكبير:

دانيال مور، شاعر أمريكا بلا منازع..

أقدم هنا بشهادته الشخصية عن علاقته بالمغرب وبعد ذلك أعود إلى تقديمه سيرة ومسيرة..

يقول الشاعر الكبير : " باعتباري مواطنا من العالم الذي يعاني من العطش الروحي فإنني أشعر بامتنان عميق لهذا البلد..وعلى الرغم من أنني ولدت في أوكلاند بشمال ولاية كاليفورنيا الأمريكية، إلا أنني أعتبر مكناس في المغرب هي مكان ولادتي الحقيقية، حيث التقيت بشيخي محمد بن الحبيب، رحمه الله، قطب زمانه في الولاية، وحيث عشت أيضا زمنا كان بمذاق الخلود في زاويته ومع مريديه.. وجدنا في كل أسفارنا إلى المغرب وزيارتنا لأهله، إلى جانب الجمال الطبيعي للبلد نفسه الزاخر بوديان الخزامى، وبالسهول الخضراء المتدفقة، وبثقافته الغنية و المتنوعة، أن هناك حكمة عميقة ونوعا من البراءة تسري بين سكانه، هناك جوهر وجمال في الناس، وبالتأكيد ذلك نابع من التقليد العميق للتصوف الإسلامي الذي يشكل بكل تجلياته أكثر من جزء في المغرب، حيث مازال هذا التقليد حيا عبر الأولياء والشيوخ والعلماء الأحياء، وأيضا عبر الطرق الصوفية التي تقود إلى الله، وإلى الحقيقة المطلقة عن طريق الإذن الصحيح والسند السليم الصادر من شيوخ المعرفة الحقيقيين، والذين يوجد منهم اليوم العديد من النماذج الحية و الرائعة".

شهد شاهد من أهلها!

شهد شاهد من أبناء الحضارة الغربية، عن عمق ما وجده بين أحضان المغرب. أرض الأولياء والصالحين وحسن أولئك رفيقا..

كلام شفاف ينبع من ذوق ومن عمق في تغلغله إلى ثنايا الحياة المغربية الأصيلة المشبعة بالقيم الروحية والمبادىء الأخلاقية التي زادها صقلا وجلاء وتجوهرا مشايخ التربية والتعليم والبناء السلوكي داخل المجتمع سواء كان ذلك في سهل أو في جبل، في بادية نائية أو في حاضرة عامرة..

وُلِدَ الشاعر والكاتب الأمريكي دانيال مور في عام 1940م، بمدينة أوكلاند في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. ويُعدُّ من أبرز شعراء الستينيات، وقد اعتنق دانيال الديانة الإسلامية في عام 1970م، واختار لنفسه اسم عبد الحيِّ..

إشارة إلى الحياة والولادة القلبية الروحية..

في أواخر الستينيات، وبالضبط كما تقول المصادر سنة 1968 وأثناء زيارة دانيال مور للمغرب تعرَّف على فضيلة الشيخ سيدي محمد بن الحبيب رضي الله عنه، الشيخ المؤسس للطريقة الحبيبية المباركة والذي دعاه للإسلام برحمة ورفق وذوق رفيع، فانشرح قلب دانيال لدعوة الشيخ ليعود إلى الولايات المتحدة مسلمًا منتسبا للشيخ وزاويته الحبيبية الدرقاوية الشاذلية، فقيرا ذاكرا يتوهج شعره بأسمى رُوحَانية عرفها الشعر الإنجليزي المعاصر..

وإليكم نماذج من قصائده، والتي تعبق بالقرب والتجربة الروحية والمواجيد. مشاهدة شاهدة على ما تلقاه من سر شيخه سيدي محمد بن الحبيب رضي الله عنه. والذي نجد أنفاسه وذوقه العالي في ديوانه الماتع المسمى:

بغية المريدين السائرين وتحفة السالكين العارفين. والذي قال عنه الشيخ مصطفى العلاوي رضي الله عنه، شيخ الطريقة العلاوية لما بلغه حالفا بالله: والله لو علمت أن سيدي محمد بن الحبيب كتب ديوانه لما نشرت ديواني..

شهادة منه على ما حواه الأخير من الفنون والتجليات الربانية والأذواق والأشواق..

يقول شاعرنا الكبير دانيال مور، في أحد دواوينه الشعرية ذات النفس الصوفي والتي كان يهديها كلها إلى والده الروحي سيدي محمد بن الحبيب رضي الله عنه:

الترتيل عند تلاوة القرآن جهرًا، في صلاة الصبح

أدرك أن هذا الحلق لم يخلق إلا لقراءة القرآن

* * *

أسمع رجعه في القلب مندفعًا كجوف النبع.

أسمع رجعه في أحلك الأعماق من جسدي

* * *

وتحضرني ملامح هذه الألحان فأعرف كيف صاغ الله

حول نشيدها الإنسان كمثل جِبِلة خلقت من الإحسان

فزادك وجهها حسنا برجع تلاوة السور.

* * *

كم أحكمت يا رباه خلق جوارح الإنسان للقرآن

فصار غشاءه الحي، وكم يحلو لهذا الثغر، بعد الفجر

وقد صدرت المجموعة عن (كتاب) بواشنطن بالتعاون مع (سيتي لايتس للنشر) في سان فرانسيسكو.

أترك تعليقا



التعليقات (0)